شهد العام 2023 أحداثا مأساوية في السودان جعلت منه العام الأسوأ في تاريخ البلاد حيث اندلعت فيه حرب طاحنة بين الجيش وقوات الدعم السريع انطلقت من قلب العاصمة الخرطوم، لتمتد إلى أكثر من 60 في المئة من مساحة البلاد؛ مخلفة نحو 12 ألف قتيل، وتشرد بسببها أكثر من 7 ملايين تشتت بهم السبل داخل البلاد وخارجها
1- كيف بدأ الصدام؟
قبل أيام انتشرت قوات الدعم السريع في العاصمة الخرطوم. التحرك الذي رآه الجيش السوداني عملا عدائيا واستدعاء للسلاح في الخلاف السياسي.
• تضاربت روايات الفرقاء حول من بدأ إطلاق النار:
أ- قوات الدعم السريع:
أصدرت قوات الدعم السريع بيانا ذكرت فيه أنها تعرضت لهجوم “كاسح” من طرف الجيش، وجاء فيه:
• تفاجأت قوات الدعم السريع صباح اليوم السبت 15 أبريل بقوة كبيرة من القوات المسلحة تدخل إلى مقر تواجد القوات في أرض المعسكرات سوبا بالخرطوم.
• ضربت القوات السودانية حصارا على القوات المتواجدة هناك ثم تنهال عليها بهجوم كاسح بكافة أنواع الأسلحة الثقيلة والخفيفة.
• إزاء هذا “الاعتداء الغاشم” توضح قيادة الدعم السريع أنها أجرت اتصالات مع كل من الآلية الرباعية ومجموعة الوساطة ممثلة في مالك عقار ومني أركو مناوي وجبريل إبراهيم، وأطلعتهم على الأمر.
• دعت الشعب السوداني والرأي العام الدولي والإقليمي إلى إدانة “هذا المسلك الجبان”، كما دعت الشعب السوداني إلى التماسك في هذه اللحظة التاريخية الحرجة.
ب- الجيش السوداني:
أصدر مكتب الناطق الرسمي باسم الجيش السوداني بيانا مقتضبا يتهم فيه الدعم السريع بـ”الغدر والخيانة”. قال فيه:
• “في مواصلة لمسيرتها في الغدر والخيانة حاولت قوات الدعم السريع مهاجمة قواتنا في المدينة الرياضية ومواقع أخرى”.
2- كواليس وأسباب الخلاف:
الصراع العسكري جاء ترجمة لخلاف سياسي بين البرهان وحميدتي حول:
• خطة ضمّ قوات الدعم السريع التي يبلغ عددها 100 ألف عنصر، إلى الجيش.
• من سيقود القوة الجديدة بعد ذلك، وسيتقلد منصب القائد العام للجيش خلال فترة الاندماج التي ستمتد عدة سنوات.
تقول قوات الدعم السريع إن القائد ينبغي أن يكون الرئيس المدني للدولة وهو ما يرفضه الجيش الذي يريد أن تكون قوة الدعم السريع تابعة له.
3- محاولة اللعب بورقة القوات المصرية
مع بدء الاشتباكات واقتحام قوات حميدتي قاعدة مروي الجوية، بدأت مواقع خبرية في التسويق لفيديو يظهر جنودا مصريين في قاعدة مروي. وهنا تبرز حقائق هامة:
أ- القوات المسلحة المصرية سارعت لوضع النقاط على الحروف، ببيان واضح:
• القوات المصرية المشتركة متواجدة في السودان لإجراء تدريبات مع نظرائها في السودان.
• جار التنسيق مع الجهات المعنية في السودان؛ لضمان تأمين القوات المصرية.
• أهابت القوات المسلحة المصرية الحفاظ على أمن وسلامة القوات المصرية.
ب- حميدتي بادر بعدها للملمة ما ارتكبه قادته الميدانيين، وقال في تصريحات لسكاي نيوز والعربية:
• يتم التعامل مع الجنود المصريين كأخوة ونعمل على إخلائهم سريعا.
• القوات المصرية الموجودة في مطار مروي بأمان، وغير محتجزة.
• نأسف للفيديو المتداول لجنود مصريين في مطار مروي.
ج- قبل تصريح حميدتي، علق نزار سيد المسؤول في إعلام قوات الدعم السريع السودانية على فيديو القوات المصرية الذي نشرته صفحاتهم، وقال في تصريح للمصري اليوم: “الموقف بالكامل لصغار عسكريين لا يعرفون المسائل وتأثيرها داخليا وخارجيا، ومن هنا جاءت ملابسات الفيديو المنشور”.
د- الارتباك وتصرف قادة ميدانيين بهذا الشكل حسب محللين سياسيين، يؤشر إلى ارتباك قوات الدعم السريع، وعدم وجود قنوات اتصال وسيطرة حقيقة على إدارة العمليات. وهو ما ظهر أيضا في الانقسامات والخسائر السريعة لبعض المواقع.
4- هل كان الصراع العسكري مفاجئا؟
تدافع الأحداث في الأيام الأخيرة كان يشير إلى هذا السيناريو، وتقول التجارب التاريخية، إن السماح بأي ميليشيا عسكرية في الدولة، سيؤدي بلا شك في مرحلة ما للتصادم العسكري، حدث هذا في العراق وليبيا، واليوم في السودان.
5- هل تنتهي الاشتباكات قريبا؟
يبدو أن هذا الأمر لن يحدث سريعا في ظل التصريحات الصادرة من الجانبين:
• الجيش السوداني أكد في بيان رسمي هذا المساء أنه: لا حوار قبل حل وتفتيت مليشيات حميدتي.
• حميدتي قال رغم انهزامات قواته في بعض المواقع إن “الحرب كر وفر ولا سيطرة للجيش حتى الآن”.