أصبح سكان خان يونس جنوب غزة بين خياري “الشهادة أو النزوح” تحت وطأة القصف الإسرائيلي الكثيف، والحصار الذي يفرضه جيش الاحتلال على المدينة.
ورصدت شبكة “سي. إن. إن” الإخبارية الأمريكية، مشاهد لفرار آلاف النازحين الفلسطينيين من خان يونس، بعد أن أعلن جيش الاحتلال محاصرة المدينة، وسط عمليات إضافية غرب المنطقة، وأمر السكان بالنزوح.
وأظهر مقطع فيديو للشبكة، نازحين يجلسون على جوانب الشوارع وعلى مقربة من شاطئ البحر، وسيارات وشاحنات وجرارات تنقل عائلات وممتلكاتهم الأساسية، وحشودًا من الناس يسيرون.
ووصف العديد من الفارين مشاهد مرعبة، إذ قال أحد النازحين من غزة يُدعى هشام صايغ: “هناك شهداء على الأرض، تركناهم وراءنا، وأشخاص استُشهدوا داخل المنازل، كنا نتوقع الموت في أي لحظة”.
ونقلت الشبكة عن عامر حجو، من شمال غزة، الذي ينزح للمرة الثالثة: “الآن نزحنا مرة أخرى إلى المجهول. وكان القصف طوال الليل. استيقظنا على دبابة عند مدخل المنزل في الصباح، فغادرنا”.
وقالت امرأة من خان يونس، تُدعى “أم محمد” إنها وعائلتها في الشارع حتى يعرفوا إلى أين يذهبون – ولا يستطيعون تحمل تكاليف النقل جنوبًا إلى رفح.
وأضافت: “الخضار والدقيق والمياه كلها غالية الثمن. لا توجد مراحيض. لا أحد يهتم بنا وكأننا لسنا بشرًا”.
وتابعت: “كنا في الشوارع لأكثر من 100 يوم، وفي كل مكان نذهب إليه يطلبون منا المغادرة، وها نحن نتواجد في الشوارع مرارًا وتكرارًا”.
وقالت امرأة أخرى من مدينة غزة، تُدعى “أم عادل” إن عائلتها كانت في خان يونس، وتوفيت حفيدتها لأنه “لم يكن هناك أكسجين أو دواء لها”.
وأضاف عدنان أبو حسنة، المستشار الإعلامي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في قطاع غزة، أنه شهد ما وصفها بحركة نزوح ضخمة في اتجاه رفح جنوب القطاع، موضحًا أنه تم رصد عشرات الآلاف يتوجهون إلى رفح الفلسطينية، في ظل ما وصفها بأنها “عملية نصب خيام كبرى”.
ومنذ اندلاع العدوان الإسرائيلي على غزة، 7 أكتوبر الماضي، نزح نحو 1.9 مليون شخص داخل القطاع، فيما تكدس نحو مليون نازح منهم في مراكز إيواء تابعة للأونروا أو حولها، أما البقية ففي الخيام والشوارع والحدائق.
وكثف جيش الاحتلال قصف خان يونس، خلال الأيام الماضية، وفرض حزامًا ناريًا حول المنطقة، ما أسفر عن استشهاد أكثر من 50 شخصًا، خلال الساعات الـ24 الماضية، حسبما أفادت إذاعة “صوت فلسطين”.
وأفادت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، باستشهاد 3 نازحين، وإصابة اثنين آخرين، جراء استهداف جيش الاحتلال البوابة الشمالية لمقر الجمعية في خان يونس.
وأعلنت مصادر طبية في غزة، استشهاد 50 فلسطينيًا، وإصابة 120 آخرين، في قصف قوات الاحتلال على المناطق الغربية لمدينة خان يونس، خلال الساعات الـ24 الماضية.
وأعربت منظمة “أطباء بلا حدود” عن قلقها على سلامة الموجودين داخل مستشفى ناصر بخان يونس، بسبب القصف المتواصل في محيطها، مؤكدة وجوب حمايتهم، والسماح لهم بالمغادرة إذا أرادوا، منوهة إلى تعذر وصول الجرحى إليه.
وقال العاملون في المنظمة إنهم غير قادرين على اتباع أوامر الإخلاء الإسرائيلية للمنطقة المحيطة بمستشفى ناصر في خان يونس، مع سماع أصوات “القنابل وإطلاق النار الكثيف” في مكان قريب.
وذكرت المنظمة: “مع اقتراب القصف العنيف والقتال من المناطق المحيطة بمستشفى ناصر، لن يتمكن المدنيون المصابون من الحصول على رعاية فورية أو عاجلة”.
وأوضحت الأمم المتحدة أن الوضع في المستشفيات بالمنطقة تدهور مع توسع العمليات العسكرية الإسرائيلية.
وفي حصيلة غير نهائية، بلغ عدد الضحايا الفلسطينيين منذ بدء العدوان على قطاع غزة، 7 أكتوبر الماضي، نحو 25.450 شهيدًا، و63 ألف جريح، غالبيتهم من النساء والأطفال، وآلاف الضحايا الذين ما زالوا تحت الركام وفي الطرقات حيث لا يمكن الوصول إليهم.