ديسمبر 24, 2024

ألقى اليوم الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، بيان الحكومة، أمام مجلس النواب، بمقر البرلمان بالعاصمة الإدارية الجديدة، بحضور كامل تشكيل الحكومة التي أدت اليمين الدستورية مُؤخراً، ويشمل برنامج عملها للسنوات الثلاث المقبلة، الذي يأتي تحت عنوان “معًا نبني مستقبلًا مستدامًا”.

واستهل رئيس الوزراء بيانه، بتوجيه التحية إلى المستشار الدكتور حنفي جبالي، رئيس مجلس النواب، وأعضاء المجلس المُوقّر، ولشعب مصر العظيم، متقدماً بالتهنئة بمناسبة حلول السنة الهجرية الجديدة، داعياً الله أن تكون سنة خير وبركة على مصر والمصريين كافة، وأن يسود السلام والازدهار أرجاء وطننا الحبيب، متمنياً للحضور دوام التوفيق في أداء مهامهم الوطنية النبيلة.

كما تقدم الدكتور مصطفى مدبولي بخالص الشكر إلى فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية على تجديد الثقة بتكليفه بهذه الحكومة الجديدة، معتبراً أنه تكليف يُحمله المزيد من المسئولية الوطنية التي يجب أن يحرص عليها كل مسئول في هذه الحكومة على كل المستويات الإدارية بالدولة، مؤكداً أن هذه المسئولية تتزايد أهميتها في هذا الوقت الصعب الذي تتراكم فيه تحديات كبرى يجب أن نواجهها جميعًا بإرادة قوية، وبناء متماسك، وثقة كبيرة في قدراتنا وأفعالنا، كما يجب أن يكون أعضاء الحكومة التي تقف أمام البرلمان لتحظى بثقة أعضائه، في مقدمة الصفوف قولًا وعملاً، ويجب أن يقدموا المثل الأعلى في تحمل المسئولية في خدمة الوطن.

وتقدم رئيس الوزراء أيضاً بخالص الشكر والتقدير لأعضاء الحكومة السابقة على جهودهم المخلصة وتفانيهم في خدمة الوطن والمواطنين، مؤكداً أن فترة عملهم كانت مليئة بالتحديات، وقد بذلوا خلالها أقصى ما بوسعهم لتحقيق الأهداف المنشودة ودعم الاستقرار والتقدم في البلاد، مضيفاً أن هذه الجهود تشكل أساساً صلباً تبني عليه الحكومة الحالية رؤيتها وبرنامجها الجديد.

وأكد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، أنه يقف اليوم أمام مجلس النواب لتقديم برنامج عمل الحكومة للسنوات الثلاث القادمة، مُجدِّدًا مع النواب العهد على استكمال مسيرة بناء الوطن، وتحقيق تطلعات المواطن المصري، لافتًا إلى أن برنامج عمل الحكومة اعتمد بشكل رئيسي على مستهدفات رؤية مصر ٢٠٣٠، وتوصيات جلسات الحوار الوطني، ومختلف الاستراتيجيات الوطنية، والبرنامج الوطني للإصلاحات الهيكلية، حيث تسعى من خلال هذا البرنامج إلى تحسين واقع حياة المواطن بجميع جوانبها، والانتقال إلى مرحلة جديدة من التطوير المستدام الذي يضع وطنَنَا في المكانة التي تليق به.

واستعرض رئيس الوزراء طبيعة التحديات التي تُواجهنا، والتي علينا بادئ ذي بدء أن ندركها، مشيراً إلى أنها تحديات ذات وجوه متعددة، حيث يرتبط الوجه الأول بإكمال المسيرة التي بدأتها مصر منذ عشر سنوات، والتي بذلت فيها الدولة المصرية تحت قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي جهدًا كبيرًا في تطوير البنية التحتية، ومشروعات الطاقة، واستصلاح الأراضي وتطوير الصناعة، وتطوير العشوائيات، وتوفير الإسكان الاجتماعي لقطاعات عريضة من السكان، وإتاحة شبكة حماية اجتماعية متكاملة للفئات الأكثر احتياجًا، وتطوير خدمات الصحة مع تقديم مبادرات ناجحة في القضاء على الأمراض المُزمنة، والتوسع في إنشاء الجامعات والمدارس، والعمل على تقديم نوعية جيدة من التعليم، وتقديم مبادرات تنموية كبرى مثل مشروع حياة كريمة لتحسين جودة الحياة في القرى، ومبادرة مائة مليون صحة، ومبادرة تكافل وكرامة.

وأضاف: “أما الوجه الثاني فهو يرتبط بتحديات جديدة خلقتها الأزمة الاقتصادية العالمية التي ترتبت على الحرب الروسية الأوكرانية، وما تبعها من تعطل لحركة الأسواق العالمية، وتسببت هذه الأزمة في زيادة غير مسبوقة في الأسعار، وأثرت على مستوى العرض لسلع بعينها، وقد أدى هذا المشهد إلى صور من المعاناة بالنسبة للمواطن في كافة دول العالم، وقد أثبت المواطنون المصريون أنهم على قدر المسئولية، فتحملوا الأمر بقوة وصلابة”.

وقال: “ثمة وجهٍ ثالث لهذه التحديات يرتبط بالصراعات التي يشهدها الإقليم، والذي تقف مصر في قلبه، ولا تَخْفى علينا جميعًا الصراعات والحروب التي تنشب هنا وهناك في كل الاتجاهات، والتي كان آخرها الحرب الظالمة التي تشنها إسرائيل على الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية، حيث تبذل الدولة المصرية جهودًا كبيرة في مواجهة هذه التحديات الإقليمية، وتلعب دورًا بارزًا في الدعوة إلى السلام والوئام، وتبذل قصارى جهدها لوقف الحرب في غزة والعمل على قيام دولة فلسطين المستقلة، وقد كان لهذه الحرب تداعياتها شديدة السلبية على موارد الاقتصاد المصري، وعلى رأسها إيرادات قناة السويس، والتهديدات الحالية لحركة التجارة الدولية في منطقة البحر الأحمر”.

وأشار الدكتور مصطفى مدبولي إلى أنه في ضوء هذه التحديات وغيرها، يمكن القول بحق إن هذه الحكومة الجديدة هي “حكومة تحديات”، ولذلك تضع الحكومة صَوْبَ أعيُنِها خلال المرحلة المقبلة، تكليف السيد رئيس الجمهورية لها بالعمل على تحقيق عددٍ من الأهداف، على رأسها: قضايا الأمن القومي، وبناء الإنسان المصري، والارتفاع بمستوى وعيه الثقافي والاجتماعي، والعمل على توفير متطلبات المواطن المصري من كافة الخدمات خاصة خدمات التعليم والصحة، ومواصلة مسار الإصلاح الاقتصادي، والاستمرار في إكمال المشروعات والمبادرات التي بدأت مع مسيرة مصر التنموية في السنوات الماضية، وبذل كلِّ الجهد للحدِّ من ارتفاع الأسعار والتضخم وضبط الأسواق، وذلك في إطار تطوير شامل للأداء الاقتصادي للدولة في جميع القطاعات.

وأكد رئيس الوزراء أن الحكومة سوف تعمل على إكمال المسيرة في إطار هذه التوجيهات، وفي إطار وعيها بالتحديات الكبرى، وتساعد بكل ما تملك في تخفيف وطأة التوترات التي تؤثر على المواطنين المصريين، وتضع هموم المواطن ومعاناته في بؤرة الاهتمام، وتعمل على معالجتها بقوة وحزم، والعمل على فتح صفحة جديدة للعلاقة بين المواطنين وبين الإدارات المحلية والإدارات الحكومية التي تقدم خدمات لهم، كما ستعمل الحكومة جاهدة على خلق تواصل بناء وإيجابي لتكون هموم المواطنين ومشكلاتهم الشغل الشاغل لهذه الحكومة.

وفي هذا الصدد، أشار الدكتور مصطفى مدبولي إلى أن الحكومة لمست معاناة المواطنين من مشكلة انقطاع الكهرباء، معاهداً مجلس النواب بأن تعمل الحكومة بكل عزم وإصرار على القضاء على هذه المشكلة نهائيًا خلال نصف العام الأول من برنامجها، كما لمست معاناة المواطنين من ارتفاع الأسعار وبذلت جهودًا كبيرة لضبط الأسواق وسارعت بضخ المزيد من الكميات من السلع لضمان توافرها، وقد أسفرت تلك الجهود عن تراجع معدلات التضخم في الشهرين الأخيرين، وتستهدف الحكومة مزيداً من التراجع خلال الفترة المقبلة.

وأضاف: “كل ذلك يفرض علينا المزيد من العمل، والمزيد من المشاركة، والثقة، والوعي بأن المسئولية هي مسئولية الجميع لا يُستثنى من ذلك أحد، ومن ثم، فإننا يجب أن نؤمن بشكل دائم بأن العمل من أجل المستقبل، هو مسئولية الجميع، وأن الشراكة بين الدولة والقطاع الخاص والمجتمع المدني، وكافة المواطنين هي السبيل الأفضل نحو تحقيق الأهداف؛ وأن المصلحة الجمعية للوطن يجب أن تعلو على أي مصلحة”.

وأكد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، في بيانه أمام مجلس النواب، أن برنامج الحكومة المصرية للفترة (2024/2025 – 2026/2027)، الذي وضعت له عنوانًا (معًا نبني مستقبلًا مستدامًا)، يقوم على استكمال البناء والتطوير؛ ليضمن حاضرًا أفضل ومستقبلًا مستدامًا للأجيال القادمة، حيث تسعى الحكومة من خلاله إلى العمل على أربعة محاور رئيسية، وهي: حماية الأمن القومي وسياسة مصر الخارجية، وكذلك بناء الإنسان المصري وتعزيز رفاهيته، بالإضافة إلى بناء اقتصاد تنافسي جاذب للاستثمارات، وأخيراً تحقيق الاستقرار السياسي والتماسُك الوطني.

واستعرض رئيس الوزراء مُحددات العمل في كل محور من المحاور الأربعة الرئيسية، موضحاً أن المحور الأول المعنىِ بحماية الأمن القومي وسياسة مصر الخارجية، يتضمن العمل على تحقيق الأمن القومي بمفهومه الشامل، بما يضمن حماية أمن واستقرار الحدود، ودعم القدرات العسكرية لجيشنا في مواجهة التهديدات، وتعزيز أمن البحر الأحمر وقناة السويس، وتعزيز جهود مكافحة الإرهاب والجرائم العابرة للحدود والإتجار بالبشر، فضلًا عن تطوير السياسة الخارجية لمصر، وتعزيز دورها في محيطها العربي والإفريقي والدولي، بالإضافة إلى تعزيز مشاركتها في المنظمات الدولية.

وفي هذا السياق، أكد الدكتور مصطفى مدبولي على مواصلة الدبلوماسية المصرية جهودها في مُختلف المحافل الدولية ذات الصلة بمكافحة الإرهاب، لا سيما في إطار الأمم المتحدة، وتطبيق مقاربة شاملة لمكافحة الإرهاب تشمل كذلك كافة المحاور الاقتصادية والاجتماعية والتنموية والفكرية والثقافية والتعليمية، والتنسيق مع مختلف الأطراف الدولية لمكافحة الإرهاب والوقاية منه، وبناء قدرات الدول في هذا المجال.

كما أكد الحرص على الاستمرار في تعزيز العلاقات المصرية العربية سواء مع دول الخليج أو مع دول المشرق والمغرب العربي، وكذلك دول الجوار الجغرافي، على المستوى الثنائي وعبر جامعة الدول العربية، اتصالاً بالأهمية الاستراتيجية لتلك العلاقات وباعتبارها صمام أمن للمنطقة وشعوبها ككل وبهدف صيانة والحفاظ على الأمن القومي العربي، مع المبادرة نحو التفاعل والإسهام، قدر المستطاع، في تشكيل توازنات إقليمية والاضطلاع بأدوار وساطة بما يسهم في ترسيخ موقع مصر كفاعل رئيسي في المشهد الإقليمي.

وأشار رئيس الوزراء إلى أن الحكومة ستسعى بجدية خلال فترة البرنامج، لتعظيم الشراكات الاستراتيجية الدولية والتجمعات الدولية التي انضمت لها مصر حديثًا، حيث يُعزز الانضمام إلى هذه التجمعات والتحالفات الدولية من موقف مصر على الساحة العالمية ويتيح فرصًا جديدة للتعاون في مختلف المجالات الاقتصادية، السياسية، والاجتماعية، كما تدعم التنمية المستدامة، وتحسين الاقتصاد الوطني، وتوفير فرص عمل جديدة وتساهم في تبادل الخبرات والتكنولوجيا وتعزز القدرات الوطنية لمواجهة التحديات العالمية المتزايدة، هذا إلى جانب، الاستمرار في سياسات التوازن الاستراتيجي التي تنتهجها الدولة المصرية في ظل حالة الاستقطاب الدولي، ومواصلة الدور المصري الرائد في إطار النظام متعدد الأطراف، والعمل من خلال المجموعات السياسية والإقليمية للدفاع عن المصالح المصرية في المحافل الدولية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *