(لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا) (الأحزاب: 21).
(سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُۖ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا) (الأحزاب: 26).
(الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) (المائدة: 3).
(اتَّبِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَۗ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ) (الأعراف: 3).
رسول الله أسوة حسنة للمؤمنين
السُّنة النبوية الصحيحة يقصد بها الآيات الكريمة التي حدد بها القرآن الكريم قيم الفضيلة من رحمةٍ وعدلٍ وإحسانٍ، وهي بعيدة عن تلك التي يطلق عليها مسمى (السُّنة)، تلك الروايات المزورة التي تدعو إلى خطاب الكراهية، والله يدعو رسوله إلى التعامل بالرحمة والإحسان والعدل.
وقد وضع اللهُ تعالى في رسوله ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ صفات الفضيلة، ليطبق المنهج الإلهي الذي جاءت به الآيات الكريمة على أرض الواقع، وذلك حتى لا نشطط أو تأخذنا العادات إلى طريق الروايات فنضيع بين آلاف المجلدات، حتى طغت الروايات على الآيات وأصبح المسلم مأخوذًا برواتها بعدما تغلغلت في العقول، واستقبلها المسلمون بالقناعة والقبول.
فليس أمامنا مصدر لسُنة رسولنا الكريم غير المنهج الإلهي الذي أمر الله رسوله باتباعه ليكون قدوة وأسوة حسنة للمسلمين.
التشريع الإلهي
ذلك أن السنة النبوية الصحيحة هي التشريع الإلهي والمنهج الذي يأمر الله تعالى عباده أن يتبعوه، وقد جعل اللهُ تعالى الرسول صلى الله عليه وسلم، قدوةً للناس في كل أفعاله وتصرفاته اليومية، سواء مع الله تعالى في شعائر العبادات، أو مع أهل بيته، وفي العلاقات الأسرية، والمعاملات العامة مع الناس، متبعًا التوجيهات الربانية أخلاقًا ورحمة وأمانة وانضباط سلوك بخُلقٍ عظيمٍ ليتعلَّمَ منه الناسُ ويجعلوه قدوةً لهم.
ولذلك قال الله تعالى: (لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا) (الأحزاب: 21).
والأسوة هنا تعني القدوة والطريق المستقيم الذي يجب على المسلمين اتّباعه؛ لذلك فإنَّ سُنة الرسول هي تطبيق الأوامر الإلهية ومباشرة القواعد والقوانين التي وضعها اللهُ تعالى للناس ليتعايشوا في أمنٍ وسلام.
ويضرب اللهُ تعالى للمؤمنين والناس كافة، الرسول المثل الأعلى في ترجمة التعامل والسلوك وفق التوجيهات الربانية.
في المقابل، نجد أن ما يطلق عليه السُّنة، فهي استخدام غطاء الروايات لنشر الفتن بين المسلمين؛ ليتقاتلوا ويتصارعوا ويتنازعوا، فيفسدوا وتذهب ريحهم.
السنة المحمدية ممارسات سلوكية
أما السُّنة المحمدية فهي كل الممارسات السلوكية على أرض الواقع، اتباعًا لمنهج الله تعالى لصياغة السلوك الإنساني ليكون ربانيًّا، يأمنه الناس على حقوقهم وحياتهم، ويكون رحيمًا وعونًا لهم، ويقف معهم معينًا في المواقف الصعبة، يشاهد الفقراء ويسعف المرضى ويعطي السائل مما أعطاه الله تعالى من رزق ونعمة، ويقف مع المظلوم ويقاوم الظالم، وينشر الرحمة والسلام.
تلك هي السنة المحمدية، وليست الروايات الشيطانية التي تحرض على الكراهية والقتل والحقد والغل، وتتبع إغراء الشيطان وسيلقون غيًّا.
قال تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) (المائدة: 3)
آيات الله تعالى تمت واكتملت
هل بقي بعد هذه الآية الكريمة قول آخر، حينما بلغ رسوله قومه عن ربه هذه الآية، بأن آيات الله في كتابه المبين قد تمت واكتملت، ولم يعد بعدها قول يضاف إلى ما بلغه رسول الله ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ عن ربه.
فكيف قبل المسلمون بروايات مفتراة على الرسول الأمين، وصدقوها ووظفوها في خدمة أعداء رسالة الإسلام من اليهود والمجوس، وتسببت في قتال العرب المسلمين قرونًا طويلة، أكلت الحرث والنسل، ونشرت الأحقاد بينهم، وخلقت الطوائف والمرجعيات المتناقضة، من أجل أن يستمر نزيف الدماء العربية لهوًا، وعبثًا تقدم الضحايا من الأبرياء قرابين تحت رجل عجل اليهود. فلنرجع لسنة الله التي أمر رسوله باتباعها، وأصبح بفعل سلوكه وتصرفاته كأنه قرآن يمشي على الأرض، فتلك هي سنة رسولنا الكريم، والسنة غيرها على الإطلاق، تأكيدًا لقوله سبحانه: (اتَّبِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ ۗ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ) (الأعراف: 3).