ديسمبر 23, 2024

بدأت اليوم الثلاثاء، أولى جلسات الاستماع لرئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، للإدلاء بشهادته في قضايا فساد تلاحقه، والتي قد تستغرق عدة أسابيع، حيث من المُقرر أن يعرض الدفاع قضيته بعد مرور ما يقرب من أربع سنوات ونصف السنة على بدء الادعاء مرافعاته، وسبع سنوات على بدء التحقيقات.

ويُعد نتنياهو أول رئيس وزراء في السلطة يدلي بشهادته في محاكمة فساد عامة خاصة به، ورغم محاولاته المتعددة لتأجيل محاكمته، إلا أن القضاة قرروا أنه يتعين عليه البدء في الإدلاء بشهادته.

وقالت المحكمة إن نتنياهو، الذي تلاحقه اتهامات بالرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة، سيدلي بشهادته ثلاث مرات في الأسبوع. ورفضت رئيسة المحكمة المركزية في القدس المحتلة القاضية ريفكا فريدمان فيلدمان، التي أدانت رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت بالفساد قبل نحو عقد من الزمان، ثلاثة طلبات تأجيل تقدم بها نتنياهو بعد الموافقة على طلبه الأولى بالتأجيل من الصيف حتى الثاني من ديسمبر بسبب الحرب. وفي أواخر نوفمبر، منحت فريدمان فيلدمان أخيرًا رئيس الوزراء مهلة أسبوع واحد؛ مما جعل المحاكمة تبدأ اليوم الثلاثاء.

ووجهت اتهامات إلى نتنياهو في عام 2019 في ثلاث قضايا تتعلق بهدايا من أصدقاء من فئة المليونيرات، مقابل منح أباطرة الإعلام تفضيلًا في التغطيات الإعلامية، بينما ينفي نتنياهو ارتكاب أي مخالفات.

مرت 8 سنوات على استجواب نتنياهو لأول مرة من قبل الشرطة الإسرائيلية، ونحو خمس سنوات على تقديم لائحة الاتهام ضده، ومثل نتنياهو، صباح اليوم الثلاثاء، أمام المحكمة المركزية في تل أبيب لبدء شهادته.

ولأول مرة في تاريخ إسرائيل، سيدلي رئيس وزراء في منصبه بشهادته في محاكمته الجنائية، وهي شهادة من المتوقع أن تستمر لمدة شهرين على الأقل.

وبحسب صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية، فقد استمعت المحكمة والنيابة خلال التحقيقات إلى 120 شاهد ادعاء، مشيرة إلى أن استجواب النيابة لنتنياهو سيكون له تأثير حاسم على مصير القضايا.

وتُفتتح جلسة اليوم بالاستماع إلى شهادة المتهم الرئيسي، بنيامين نتنياهو، وبعد ذلك سيتم الاستماع إلى شهود الدفاع الذين اختارهم محامي نتنياهو. وسيدلي محامي رئيس الحكومة، عميت حداد، بمرافعة افتتاحية، على غرار افتتاحية مرافعة النيابة.

وبعد السماع لشهود الدفاع نيابة عن نتنياهو، سيدلي المتهمان الآخران أيضًا بشهادتهما، وهما ناشر صحيفة “يديعوت أحرونوت” نوني موزيس في القضية 2000، وشاؤول إلوفيتش في القضية 4000، وسيكون لكل منهما أيضًا شهود دفاع لصالحهم.

وسيتم تقسيم شهادة نتنياهو أيضًا إلى قسمين: شهادة أولى حيث سيطرح عليه محامي دفاعه أسئلة مفتوحة في محاولة لتبرير مواقف موكله والدفاع عنه، واستجواب مضاد من قبل المدعية، يهوديت تيروش، في القضية رقم 4000، ورئيس نيابة الضرائب والاقتصاد المحامي، يوناتان تدمر، في قضيتي 1000 و2000.

وتُجرى محاكمة نتنياهو في ثلاث قضايا فساد، وهي القضية 1000 (الهدايا غير القانونية)، و2000 (محاولة رشوة إعلامية – يديعوت أحرونوت – إسرائيل اليوم)، و4000 (رشوة إعلامية – والا بيزك).

في القضية الأولى، يتهم نتنياهو وزوجته سارة بقبول منتجات فاخرة من سيجار وحلي وشمبانيا تزيد قيمتها عن 260 ألف دولار من جانب أصحاب مليارات ولا سيما المنتج الهوليوودي من أصل إسرائيلي أرنون ميلشان ورجل الأعمال الاسترالي جيمس باكر، في مقابل خدمات سياسية.

أما في القضية الثانية، فيلاحق رئيس الوزراء لمحاولته التفاوض للحصول على تغطية إعلامية أفضل من جانب أرنون موزيس ناشر صحيفة “يديعوت أحرونوت” وهي كبرى الصحف المدفوعة الأجر في البلاد، في مقابل وعد بتمرير قانون كان من شأنه إعاقة توزيع الصحيفة المجانية “إسرائيل حايوم” الأكثر قراءة في إسرائيل.

وفي القضية الثالثة، يتهم نتنياهو بمحاولة تسهيل عملية اندماج أرادها صديقه شاؤول إلوفيتش الذي كان مساهمًا كبيرًا في بيزك كبرى مجموعات الاتصالات في البلاد، في مقابل تغطية مواتية لسياسته في موقع “والا” الإخباري الذي يملكه إلوفيتش أيضًا.

ومن غير المرجح أن تُغلق مرافعة الدفاع قبل نهاية عام 2025 أو حتى نهاية عام 2026، ومن المتوقع أن تُطيل المرافعات الختامية والاستئناف المتوقع من القصة، وفق صحيفة “جيروزاليم بوست”.

ويرى منتقدو نتنياهو في هذه المحاكمة فرصة لتحقيق العدالة في وجه رجل سياسي مستعد لكل شيء من أجل البقاء في السلطة. ويؤكد هؤلاء أيضًا أن رئيس الوزراء استخدم الحرب الدائرة منذ 14 شهرًا ذريعة للإفلات من حكم القضاء الذي يُرجح أن يدينه.

وقال يوهانان بليسنر، رئيس مركز الدراسات “إسرائيل ديموفراسي إنستيتوت”، إن استئناف المحاكمة يشكل “محطة مهمة”، معتبرًا أن “إدانة رئيس للوزراء نافذ جدًا ونظر المحكمة في ملفه القضائي دليل على قوة المؤسسات الديمقراطية في إسرائيل”.

وفي مؤشر إلى بعض القلق في معسكر نتنياهو، وجه أكثر من عشرة وزراء، أمس الاثنين، رسالة إلى المدعية العامة للدولة جالي باهراف-ميار مطالبين إياها بإرجاء الجلسة بسبب سقوط نظام بشار الأسد في سوريا المجاورة.

وأتت الرسالة بعد دعوات مشابهة لوزراء وطلبات من فريق الدفاع عن رئيس الوزراء لإرجاء مثوله بسبب الحرب وجدول أعماله المثقل.

إلا أن الادعاء أفاد بأن إنجاز المحاكمة بأسرع وقت ممكن، يصب في مصلحة الرأي العام ورفضت المحكمة هذه الطلبات، إلا أنها وافقت على تقليص مدة الجلسات.

وتجدر الإشارة إلى أن المحكمة العليا الإسرائيلية أقرت في ديسمبر 2015 تنفيذ حكم السجن الفعلي، لمدة سنة ونصف، بدل ست سنوات، في حق رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت، بعد إدانته في قضايا تلقي رشاوى.

وكان أولمرت أول رئيس وزراء إسرائيلي يدخل السجن فعليًا في 15 فبراير 2016. واستمرت محاكمة أولمرت مع 15 متهمًا آخرين أكثر من سنتين، وتناولت خصوصًا مسألة تلقي رشى في مشروع عقاري كبير في القدس المحتلة، عندما كان أولمرت رئيسًا لبلدية المدينة، ونفى الأخير التهم الموجهة إليه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *